الأحد، 11 مايو 2014

ظاهرة خطيرة "الدعاء على النفس"




بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على نبينا الكريم و على وصحبه أما بعد ،
 جلست مع أحد الطلبة فإذا به يسب ويشتم ويلعن ، كان الفتى المسكين يسبح في نهر من المشاكل  كاد يغرق ، مشاكل دراسية عائليةو نفسية وعاطفية و الحبل على الجرار . لقد بلغ الأمر بصاحبنا أن دعا على نفسه بالموت ...
روعني ما سمعت وما شهدت ، فقلت:


      يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون " سورة يونس الاية 11 

       من المعلوم أن العديد من آي القرآن الكريم كان لها سبب نزول، أي أنها نزلت لسسبب أو واقعة وقعت، أو نازلة نزلت بالمسلمين، في عهده صلى اتلله عليه وسلم .

      و الآية التي بين أيدينا نزلت في كفار قريش، ذلك أنهم لما ملوا محمدا ودعوته دعوا الله بقولهم :اللهم إن كان ما جاء به محمد حق فأمطر علينا حجارة أو أنزل علينا عذاب .
     بيدا أن الله تعالى حليم رحيم ولم يعجل في الاستجابة لما دعوا به على أنفسهم، و لو استجاب دعوتهم وهوالسميع العليم لما بقي منهم على البسيطة أحد.

     الشاهد في هذه الآية الكريمة أن الإنسان مثلما يدعوا الله و يسأله من فضله وخيره، فإنه كذلك قد يدعوا على نفسه بالشر لما قد يصبه أو لما قد يحل به من مكاره . يتمنى معها الموت ، وقد يدعوا على أهله و أولاده ، في حالة غضب ، مما قد يصدر عن الأبناء من السلوكات التي لا تعجب الأباء ، ويكثر هذا في صفوف النساء ، فالمرأة قد لا تترك صغيرة و كبيرة من الدعاوي الا و تدعو بها على ابنها أو ابنتها: من عدم التوفيق و المرض إلى غير ذلك مما يندى له الجبين من الدعاوي تخرج في الفم في حالة غضب ينسى فيها المرء نفسه . وقد يندم الإنسان عندما تهدأ أعصابه و يزول عنه الغضب والقلق .
     وعلى الرغم من أن الله تعالى لا يعجل للناس في مثل هذه الأمور و هو الرحمان الرحيم، الا أن هذا من المنهي عنه في الإسلام لأنه قد يصادف ساعة الاستجابة فيندم الإنسان ندما شديداحين لا ينفع الندم و من المروي عنه صلى الله عليه وسلام أنه قال " لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم."

     بل إن الرسول عليه الصلاة و السلام نهى عن سب الحيونات أو الدعاء عليه فكيف بالدعاء على النفس .
والمصيبة أن الداعي لا يسلم و لا يأمن أن يمسه شيء مما دعا به خاصة في حالة الدعاء على النفس و الأبناء .
ومما يجعل الإنسان يدعوا على نفسه و العياد بالله ما قد يواجهه في الحياة من مشاكل أسرية مع الزوجة فيدعوا على نفسها أن لا أراهم الله وجهه بعد
أو مما يواجهه المرء من قلة التوفيق و كثرة العراقل و الصعوبات فيبلغ به الأمر أن يدعوا على نفسه بالموت إلى ما غير ذلك من المشاكل التي تجعل الإنسان يستجيب لنزوات الشيطان ويستسلم للغضب و الواقع أن هذا النوع من الناس يغيب عنه أنه ليس له من الأمر شيء ،و إنما حياته كلها لله تعالى يفعل ما يشاء وقت ما يشاء .
وهنا نقف عند نقطة أساسية هي أن الانسان يفوت عليه فضلا كثيرا، فبدل على نفسه بالشر يدعوا على نفسه بالخير بالهداية و الفرج و الرزق إلى ما غير ذلك من الأشياء التي تعود بالنفع و الخير على صاحبها .
هذا في علاقة الانسان بنفسه أما في علاقته  بأهله وغيره  فإن الانسان إذا دعا الله بالخير لأخيه ، تقول الملائكة:ولك بالمثل . فكم هو جميل أن يكون الانسان حليما رحيما فينال الأجر بدعائه بالخير لأخيه و ينال في الآن نفسه الخير الذي دعا به لأخيه .
     خلاصة القول في هذا الموضوع هو أن الإنسان لا يجب عليه أن لا يدعوا على نفسه ولا على أهله وأولاده فقد يصادف ذلك ساعة الاستجابة فيندم على ما ألحقة بنفسه في حالة استجابة لنزوات الشيطان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق